Friday, January 4, 2019

"تربيت في أسرة بيضاء، فتعلمت كيف أعشق لوني الأسود"

كانت جينا آتينوك نايت تحظى بحب أمها بالتبني، إلا أن نشأتها في أسرة بيضاء جعلها تستغرق سنوات قبل أن تتقبل نفسها كفتاة سوداء. كان شعرها أول ما أحبته في نفسها وهو ما جعلها تصبح مدونة متخصصة في الشعر وصناعة الشعر المستعار.
روت جينا تجربة نشأتها الفريدة فقالت:
"عندما كنت في الثامنة أو التاسعة من العمر، بدأت أسرتي في قضاء عطل بالمنزل المتنقل (كرڤان). ذهبنا الى أماكن جميلة مثل كلاكتون أون سي وويتستابل. ولكن الحقيقة هي أنني كنت أرى هذه العطل كئيبةً جدا. فقد كنت أشعر بتحديق الآخرين بي ليس فقط لأنني كنت على غير العادة الفتاة السوداء الوحيدة في المكان بل أيضاً لأنني كنت طفلةً سوداء صغيرة تجوب المكان مع والديها الأبيضين.
كانت أمي الحقيقية، وهي امرأة تنتمي للطبقة المتوسطة في نيجيريا، قد وضعتني في عيادة خاصة في لندن عام ١٩٨٣.
كانت في الثانية والعشرين عندما ولدتني وكانت غير متزوجة. ولذا فقد اتخذت قراراً بتركي في رعاية "مربية" بيضاء. ولم يكن من غير الشائع بالنسبة للآباء النيجيريين في السبعينات والثمانينات أن يتركوا أطفالهم في رعاية مربيات بيضاوات في المملكة المتحدة بينما يعودون هم للعيش في نيجيريا. كان هذا مؤشراً على مكانة خاصة حيث ترتسم في الأذهان صورة لطفل يعيش في إنجلترا ويتلقى الرعاية من مربية بيضاء ويتعلم الانجليزية كما تتحدثها الملكة. لكن الواقع كان أبعد ما يكون عن مثل هذه الصورة البراقة.
فهؤلاء الأطفال كانوا يعيشون في بيت مع مربيات بيضاوات وعائلاتهن. وفي أحسن الأحوال يجري التعامل معهم كما لو كانوا أطفالها. ولكن هذه العملية المعروفة باسم "التبني الخاص" لم تكن تخضع لأي قوانين، ولذا فقد سمعت ببعض القصص المروعة.
كانت أمي الحقيقية قد وضعت إعلاناً في الصحيفة المحلية تطلب فيه مربية وذلك عندما كنت أنا ما أزال رضيعة وكان عمري على وجه التحديد ١١ شهراً. ولم أرها ثانيةً حتى بلغت ستة أعوام.
استجاب زوجان للإعلان. كانا ينتميان للطبقة العاملة من الشعب ويعيشان جنوبي لندن، فأصبحا بالنسبة لي الشخصين اللذين سأعتبرهما للأبد والداي.
فقد كنت، إذن، طفلةً سوداء تعيش مع والديها الأبيضين وأطفالهما الحقيقيين في ساوث نوروود، وهي منطقة ذات أغلبية سوداء. كنت دائماً على وعي بحقيقة أن بشراتنا مختلفة ولم أكتشف الأمر على نحو درامي على الإطلاق. إلا أنني بالطبع كان تلاميذ فصلي في المدرسة الابتدائية يسألوني:" هل هذا جدك؟ هل هذه عمتك/خالتك؟".
ومع ذلك أرى أن الناس كانوا يوجهون مثل هذه الأسئلة أكثر لأن والدي الأبيضين كانا متقدمين في العمر وليس بالضرورة لأنهما ينتميان لعرق مختلف عن عرقي.
كانت أفضل صديقة لي في المدرسة الابتدائية من عرق مختلط وكانت أمها سوداء داكنة البشرة. وبينما كنت أحب قضاء وقت مع صديقتي هذه، إلا أنني كنت أحب الوقت الذي أقضيه مع أمها أكثر.
كانت والدة صديقتي تعمل في المدينة وكانت لديها سيارة جيب زهرية اللون. وإذن حتى عندما كنت في سن صغيرة، كنت قد تعرفت عن قرب على شخصية نسوية ناجحة وتشبهني.
لو كنت طفلة في الوقت الحاضر أعيش مع والدي، لربما سألني الناس ما إذا كان والداي على وعي بحالي. الإجابة؟ لا. فهما كانا يعتقدان أنه طالما أن الكساء والغذاء متوفران لي وأنني أبدو سعيدة، فهما يؤديان دوراً جيداً فيما يتعلق بالتربية. وكي أكون صادقة، لا أعتقد أنه كان بمقدورهما أن ينظرا إلى ما وراء السطح.
خلال طفولتي، اشترت أمي لي بضعة عرائس سوداء وحاولت أن تدفعني لمصادقة فتيات سوداوات في شارعنا، إلا أن هذا لم يجدِ نفعاً لأنني كنت أرغب باختيار أصدقائي بنفسي.
عندما أفكر في أمي، أدرك أنها كانت تحبني. لن أنسى أبداً عندما هرولت يوماً الى مدرستي بعدما اتهمني المدرس بأنني غير قادرة على القراءة. كنت خجولة وانطوائية بالمدرسة ولكنها اشتعلت غضباً تجاه اتهام المدرس الذي لم يكن عادلاً ولا صحيحا. لن أنسى هذا أبداً لأنها كانت طريقتها في حمايتي.
أنا متأكدة أنها لو كانت ما تزال على قيد الحياة، فستكون جدة عملية لبناتي تمدني بخبرتها العملية. وكنتيجة لذلك، لربما كنت سأحتفظ بعلاقتي مع والدي وإخوتي الأكبر سنا. في المقابل، كان والدي بالكاد يحتمل وجودي. كنّا نذهب في عطلات أنا ووالدي وأختي حيث كان أخي الأكبر قد جاوز الثامنة عشرة في ذاك الوقت. كان أربعتنا نخرج لتناول الطعام في المطاعم وكان والدي يتفوه بكلمات من قبيل: "كان الأمر سيكون أرخص لو نقص واحد منا". ذاك الواحد كان أنا. كنت في رعايته منذ سن ١١ شهراً وكان هو وأمي الأوصياء القانونيين عليّ ولذا فإن مثل هذا التعليق كان مؤذيا. عندما توفيت أمي كنت في الواحدة والعشرين من العمر. وعقب وفاتها لم يبذل والدي أي مجهود للتواصل معي أو إظهار أنه يكترث لذلك.
أخي أيضاً أوضح بأنه لا يراني جزءًا من العائلة. عندما تزوج، كنت سأكون أشبينة العروس، إلا أنه رفض ذلك لأنه لم يرغب في لفت الأنظار. أذكر أنني قلت "لا أرغب في أن أكون أشبينة على أية حال".
إذا كان بمقدوري أن أعود بالزمن للوراء وأختار نوع الحياة التي سأعيشها، فلن أختار أن أعيش مع أبوين أبيضين ثانيةً. لأنني لا أريد أن أعود للبيت وأشعر بأنني مختلفة. يبدو الأمر غريباً لأن المكان الذي نشأت فيه كان أغلب سكانه من السود ولذا فقد شعرت بالتناغم والاندماج خارج عتبة بيتنا فيما كنت أشعر بالغربة داخل هذا البيت. قمت حتى بتغيير اسمي إلى "جينا" بدلاً من الاسم الذي أُعطيته عند مولدي "آتينوك". أردت الاندماج مع عائلتي التي كان أفرادها يحملون أسماء انجليزية.
عندما جاءت أمي الحقيقية إلى لندن لزيارتي لم أشعر بالتناغم معها أو مع ذاك الجزء الذي تمثله من عائلتي. أذكر عندما كنت في الثالثة عشرة كانت أمي تعيش في شمال لندن وكانت تستضيف أصدقاء نيجيريين أحياناً. كانوا يتحدثون لي بلغة يوروبا وقبل أن أنطق بكلمة كانت تقول: إنها لا تعرف كيف تتحدث يوروبا.
كانت ترد بسرعة أملاً في تغطية الصمت الناجم عن عدم ردي. الحقيقة أنها كانت تشعر بالحرج لأنني كنت طفلة نيجيرية ومع ذاك لم أفهم ولم يكن لي صلة بالثقافة النيجيرية. عدم فهمي للغة بلدي الأصلي نيجيريا وشعري الذي لم أسرحه على النحو الذي يرضيها وعدم الخوف من الرد عليها، كل هذه كانت إشارات على أنني بريطانية أكثر مني نيجيرية.
لم أندمج إذن مع عائلتي النيجيرية ولا عائلتي البيضاء. بالنظر للوراء، أعتقد أنني كنت عالقة في شبكة محيرة ومعقدة من الهويات السياسية. كل هذا بسبب أمي الحقيقية واعتقادها بأن أفضل أناس يمكن أن يقوموا بتربيتي هم أناس بيض.

No comments:

Post a Comment